رغم اعترافه بجريمته.. لماذا تقضي المحكمة أحيانا ببراءة المتهم؟

على الرغم من اعتراف المتهم بارتكاب جريمته، وتأييد تحريات الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية لذلك، إلا أن المحكمة تقضي في بعض الأحيان ببراءته من التهمة المنسوبة إليه، مستندة على عدة أسباب في مقدمتها بطلان إجراءات القبض عليه وتفتيشه.
من هذه الحالات، الحكم الذي أصدرته المستشارة مروة هشام بركات، في 29 يوليو 2020، ببراءة سيدة مغربية من تهمة التحريض على ممارسة الأعمال المنافية للآداب بحدائق الأهرام بالجيزة، وذلك لبطلان إجراءات القبض عليها.
المتعة الحرام
تفاصيل القضية بدأت بورود معلومات للإدارة العامة لمكافحة جرائم الآداب بوزارة الداخلية، من أحد مصادرها السرية، أكدتها التحريات، مفادها أنه أثناء تصفحه لموقع خاص بالتعارف الجنسي على شبكة الإنترنت، رصد حساب باسم "يونخ تايم" تقوم من خلاله إحدى السيدات بالتواصل مع راغبي المتعة الحرام.
الساعة بـ 700 دولار أمريكي
بعدها، تواصل أحد الضباط مع المتهمة، التي عرضت عليه ممارسة الجنس مقابل 700 دولار أمريكي للساعة الواحدة، وأرسلت له صورًا شخصية لها ورقم هاتفها للتواصل على تطبيق "واتس آب"، وتم الاتفاق على التقابل أمام البوابة الرابعة بهضبة الأهرام في الجيزة، ومنها لإحدى الشقق المفروشة بنفس المنطقة لإقامة علاقة غير مشروعة.
ممارسة الدعارة
بعدها بيومين، حضرت المتهمة للمكان المتفق عليه، وقامت بإخطار الضابط بوصولها وأنها متواجدة في إحدى سيارات الأجرة في انتظار مقابلته، فألقت قوة أمنية القبض عليها، و أفادت بأنها تدعى "خديجة. ع"، مغربية الجنسية، ووصلت إلى مصر منذ أسبوع، وأقرت بأنها قامت بإنشاء حساب على التطبيق لممارسة الدعارة مع الرجال دون تمييز بمقابل مادي.
بدورها، أحالت النيابة العامة المتهمة إلى محكمة جنح الهرم، والتي قضت في 2 يناير 2020 ، بحبس المتهمة سنتين مع الشغل وألزمتها بدفع المصاريف الجنائية. لكن هذا الحكم لم يلق قبولا لدى المتهمة، فطعنت عليه بطريق الاستئناف، وفي 9 مارس 2020، قضت محكمة جنح مستأنف 6 أكتوبر بقبول بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبإحالتها إلى المحكمة الاقتصادية المختصة لنظرها.
حالة تلبس
بعد تداول جلسات القضية أمام محكمة القاهرة الاقتصادية، قضت الـدائرة الثانية جـنح اقـتصـادية بجلستها التي انعقدت في 29 يوليو 2020، ببراءة المتهمة مما أسند إليها من اتهامات.
قالت المحكمة في حيثيات حكمها إن أوراق القضية ليس فيها ما يدل على أن المتهمة شوهدت في حالة من حالات التلبس، بالإضافة إلى خلو الأوراق من بيان أن أمر القبض عليها وتفتيشها قد صدر من جهة الاختصاص، وهو ما يبطل إجراءات القبض على المتهمة وتفتيشها.
أشارت المحكمة إلى أن دستور 2014 في المادة 54/1 نص على أن الحرية الشخصية حق طبيعي وهى مصونة لا تُمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد إلا بأمر قضائي مسبب يستلزمه التحقيق.
أضافت المحكمة أن من المقرر في قضاء محكمة النقض أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام الجريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحاسة من حواسه.
محادثات جنسية
استكملت المحكمة أن أوراق القضية ليس فيها ما يدل على أن المتهمة شوهدت في حالة من حالات التلبس، بالإضافة إلى خلو الأوراق من بيان أن أمر القبض عليها وتفتيشها قد صدر من جهة الاختصاص، وهو ما يبطل إجراءات القبض على المتهمة وتفتيشها.
تابعت المحكمة: "هذا البطلان يطال الدليل المستمد منها وهو ضبط الهاتف المحمول الذي يحتوي على مراسلات على تطبيق واتس آب بين المتهمة وضابط الواقعة والثابت بها اتفاق المتهمة معه على إجراء لقاء جنسي بشقة مفروشة".
واستطرت المحكمة في حيثيات حكمها قائلة:" أن النيابة العامة لم تنتدب إحدى الجهات الفنية المختصة لفحص الهاتف المضبوط وتطبيق واتس آب الخاص بالمتهمة، لبيان ما به من محادثات تشير إلى ارتكابها الوقائع المُسندة لها ولفحص الحساب الخاص بها.