أحدث الأخبار
رئيس التحرير
محمد أبو عوض
رئيس التحرير التنفيذى
أحمد حسني

ضحيتا حقن المضاد الحيوي دون اختبار الحساسية

جنايات الإسكندرية تصدر حكمها بعد 100 يوم من الواقعة وتسجن الصيدلانية والمساعدة

الحادثة

ذاقت أم الطفلتين سجدة وإيمان مرارة الأيام، ابنتا محافظة الإسكندرية، منذ وفاتهما بعد حصولهما على حقنة مضاد حيوي دون اختبار الحساسية قبل الحصولها. 
ففى كل ليلة تضع الأم رأسها على وسادتها لتستدعي ذكريات 7  سنوات كانت بين أحضانها بناتها سجده وإيمان، 5 و 7 سنوات ويروادها أمل أنها ستخلد للنوم وبعد أن تستيقظ ستراهم أمام عينيها وبين أحضانها وأن خبر وفاتهما ما هو إلا كابوس أوشك على الانتهاء، إلا أن ساعات الليل الطويلة كانت تمر كحمل ثقيل يكاد لا ينتهي من شدة الحزن والبكاء، فتقوم من فراشها لتذهب إلى غرفتهم لتبحث عنهما إلى أن تشرق شمس يوم جديد وتتأكد أن ما حدث ليس كابوسًا وانما حقيقة وأنهما لن يعودا للحياة مرة.

الطبيبة الصيدلانية 

نور عين الأب

حكى محمد سعد النجار، والد الطفلين ليؤكد، اصطحبنا الطفلتين وتوجهنا بهما إلى احدى مستشفى القباري وتم حجزهما في غرفة الرعاية المركزة، قائلًا حتى تلقيت خبر وفاتهما.
وأضاف بعد نوبة بكاء شديدة، بناتي كانا نور عيني اللى بشوف بيها وغلطة من صيدلانية حرمتني منهما وجعلتني لا أعرف كيف أعيش حياتي فبيتنا تحول من عش صغير يملأه الفرح والسعادة والرضا بما هو مقسوم إلى منزل ملئ بالحزن الشديد، قائلًا : " حياتنا واقفة من يوم وفاتهما".
وأكدت الأم المكلومة، أن أخر ما تتذكره من الطفلتين من داخل غرفة العناية المركزة هو مشهد بناتها على الأسرة ومطالبة الأطباء بخروجنا من غرفة العناية المركزة فطالبت منهم التواجد لمراعتهم وفوجئت بايمان قائلة :"اخرجى انتى يا ماما وانا هاخد بالى من أختي"، موضحة، أن تلك هي كلمات الوداع الأخيرة فهما كل حياتي ونور عيني وقلبي.

فاجعة كبيرة


وقال وجيه عمار، جد الطفلتين: أن وفاة الطفلتين فاجعة كبيرة ولن يعوضهما أي شيء لكن ندعو الله سبحانه وتعالى أن يلهمنا الصبر والسلوان وأن يمنح الأب والأم الصبر وتحمل فراق سجده وإيمان.
واستكمل أن الصيدلانية لم تجرى اختبار الحساسية ولم تقم باسعاف الطفلتين بعد أن شعر ا بالإعياء الشديد وكنا ننتظر منها القيام بدورها على الوجه الأكمل وان لم يرد الله انقاذ الطفلتين لكنا ارتضينا بموقفها وما جعلنا نتخذ الإجراءات القانونية.
 

بلاغ للشرطة


وبتاريخ 4 أكتوبر الماضي، تلقى اللواء خالد البروي، مساعد وزير الداخلية، مدير أمن الإسكندرية، اخطاراً من قسم شرطة مينا البصل، بورود اشارة من مستشفى القباري العام يفيد بورود بلاغ بوفاة طفلتين نتيجة الحصول على حقن مضاد حيوي بدون إجراء اختبار حساسية.
وبتاريخ الرابع من اكتوبر الماضي أمر النائب العام بحجز صيدلانية وحبس عاملة لديها أربعة أيام احتياطيًّا على ذمة التحقيقات؛ بتهمة مزاولة مهنة الصيدلة بغير ترخيص، واتهام الأولى بالسماح لهما بذلك، فضلًا عن اتهام العاملة بإعطاء الطفلتين المجني عليهما عقارًا تسبب في وفاتهما.
وبسؤال الأم المبلِّغة شهدتْ أنَّ الصيدلانية المتهمة وصفت عقارًا بديلا للمدون بروشتة علاج إحدى الطفلتين، فحاولت البحث عن العلاج الأصيل فلم تجده، فاضطرت للعودة إلى الصيدلية لتلقي ابنتها العلاج البديل، وهناك وجدت عاملة حقنت ابنتيها بالعقاقير دون إجراء اختبار لهما قبل الحقن، فشعرتا بإعياءٍ شديدٍ نُقلتا على إثره للمستشفى حيث توفيتا.
وعلى هذا استجوبت النيابة العامة المتهمين، واتخذت حزمةً من الإجراءات لاستجلاء الحقيقة، منها التحفظ على الصيدلية وتفتيشها، وندب لجنة مختصة لمراجعة تراخيصها، وفحص ما بها من عقاقير، وجارٍ استكمال التحقيقات.


إحالة الصيدلانية والعاملة للمحاكمة


وفي ٢٣ من شهر نوفمبر الجاري، أمر النائب العام بإحالة صيدلانية وعاملة لديها إلى محكمة الجنايات؛ لاتهامهما بجرح الطفلتين إيمان وسجدة بحقنة عمدًا مما أفضى إلى موتهما، بعدما أقامت النيابة العامة الدليل ضدهما من شهادة (٩) شهود، وما ثبت بتقارير مصلحة الطب الشرعي، وما تبين خلال معاينة النيابة العامة للصيدلية محل الواقعة ومشاهدة آلات المراقبة بها، وما أقرت به المتهمتان في التحقيقات. 
وانتهت التحقيقات إلى أن المتهمة العاملة بالصيدلية قد حقنت الطفلتين المجني عليهما بمادة «السيفوتاكسيم» دون اختبار حساسيتهما لها، وهي غير مصرح لها بمزاولة مهنة الطب البشري، حيث إن حقن المرضى من الأفعال الماسَّة بجسم الإنسان، ويُحظر إتيانه دون الحصول على تصريح بمزاولة مهنة الطب،  فأدى فرط حساسية الطفلتين لتلك المادة إلى مضاعفات لديهما انتهت إلى هبوط دورتهما الدموية، وفشل وظائف تنفسهما، مما أفضى إلى موتهما على النحو الثابت بتقرير الصفة التشريحية لجثمانيهما الصادر عن مصلحة الطب الشرعي.
وأكدت التحقيقات أن المتهمة الصيدلانية اشتركت مع الأخرى في الجريمة بطريقي التحريض والمساعدة، حيث حرضتها على حقن الطفلتين وهي غير مصرح لها بمزاولة مهنة الطب، وساعدتها بتمكينها من استخدام الأدوات والمواد والعقاقير اللازمة للحقن بالصيدلية، فوقعت الجريمة بناء على هذا التحريض وتلك المساعدة.
وكان من بين الأدلة التي استندت إليها النيابة العامة ضد المتهمتين شهادة والدي الطفلتين المجني عليهما، واللذان أكدا أن العاملة بالصيدلية هي مَن حقنت ابنتيهما بالعقار دون اختبار حساسيتهما له، وقد أكد تقرير الصفة التشريحية لجثماني المجني عليهما، وشهد رئيس قسم الطب الشرعي بالإسكندرية في التحقيقات، أن وفاة المجني عليهما كانت نتيجة فرط الحساسية للعقار الذي حُقنتا به، والذي أحدث مضاعفات في جسميهما انتهت بوفاتهما، وأن السبب المباشر في الوفاة هو حقنهما به دون إجراء اختبار حساسيتهما له في كل مرة.   
وكانت النيابة العامة قد عثرت خلال معاينة الصيدلية على بقايا حُقن أثبت تقرير المعمل الكيماوي احتواءَها على  على ذات المادة الفعالة للعقار الذي تم حقن الطفلتين به، وقد أكدت المتهمة العاملة بالصيدلية أن هذه البقايا هي التي استخدمتها في الواقعة. 
واستندت النيابة العامة كذلك إلى إقرارات المتهمتين في التحقيقات، والتي كان حاصلها أن المتهمة الصيدلانية كلفت الأخرى بحقن الطفلتين بالعقار المشار إليه دون إجراء اختبار حساسيتهما له، وتأكدت النيابة العامة من صحة تلك الإقرارات مما ثبت لها خلال مشاهدتها تسجيلات آلات المراقبة بالصيدلية التي رصدت تجهيز المتهمة العاملة للحقنتين، وحقنها الطفلتين بهما، وظهور علامات وأعراض التحسس عليهما عقب ذلك، وقد تم مواجهة المتهمتين بالتسجيلات وأقرتا بصحتها. 
وكانت النيابة العامة قد سألت ثلاث مفتشات صيادلة بهيئة الدواء المصرية أعضاء اللجنة المشكلة من النيابة العامة لمعاينة وجرد محتويات الصيدلية محل الواقعة، واللاتي أكدن بشهادتهن في التحقيقات أن الصيادلة غير مصرَّح لهم بحقن المرضى، باعتبار هذا العمل عملًا أصيلًا من أعمال الأطباء وحدهم، كما أنه غير مصرح لمن لا يملك شهادة مزاولة مهنة الصيادلة التواجد بالصيدليات من الأساس، وأكدن كذلك من خلال معاينتِهم الصيدلية وجودَ عدة مخالفات بها. 
وأخيرًا فقد أسندت النيابة العامة إلى المتهمة العاملة بالصيدلية مزاولتها مهنة الطب البشري دون قيدها بالسجلات الخاصة بالأطباء، وعلى وجهٍ يخالف أحكام القانون، فضلًا عن مزاولتها مهنة الصيدلة بدون ترخيص، كما أسندت النيابة العامة إلى الصيدلانية السماح للأخرى بمزاولة هذه المهنة باسمها داخل الصيدلية، وأمرت النيابة العامة بنسخ صورة من الأوراق تُخصص عن باقي الوقائع التي تكشَّفتْ خلال التحقيقات؛ للتصرف فيها استقلالًا.


الحبس سنتين


وبعد 6 جلسات أصدرت محكمة جنايات الإسكندرية المستشار وحيد صبري عبد المنعم، والمستشار وائل حسن الشربيني والمستشار أحمد عبد الحليم أحمد والمستشار محمد عبد العزيز مدكور والمستشار علام أحمد وكيل النائب العام قرارًا بحبس الصيدلانية ومساعدتها بالحبس لمدة عامين في القضية التي حملت رقم 29694 لسنة 2022 جنايات مينا البصل والمقيدة برقم 1250.

تابع أحدث الأخبار عبر google news