ضحايا العنف الأسري.. حكايات عجيبة ونهايات حزينة

حكايات وقصص لضحايا العنف الأسري، نسرد تفاصيل تلك الوقائع وكيف يضحين بحريتهن لأجل الخلاص، أول حكاية بطلتها "أسماء" منذ طلب يديها للارتباط من شخص يكبرها بسبعة أعوام، ظنت أنها على أعتاب حياة جديدة يسودها الحب والمودة نحو حياة زوجية ناجحة، وخلال 14 سنة زواج تحملت خلالها الصعاب والأزمات والمشاكل وأنجبت 4 من الأبناء، حتى عرف الزوج طريق المخدرات، فكتبت الفصل الأخير لنهاية قصتها معه بالطلاق، لكنه ظل يطاردها لارغامها على العودة إليه، وتعدى عليها بالسلاح الأبيض والسكين وألحق بها الضرر، ليضاف اسمها في سجلات ضحايا العنف الأسري.
طلاق وتهديد وخطف
حكاية أسماء والتى انتشرت على السوشيال ميديا، ليست الأخيرة فى سجلات ضحايا العنف الأسري، وكما جاء فى محضر قسم شرطة ثان الرمل، بدأت بورود بلاغ واستغاثة عبر فيديو انتشر على موقع التواصل الاجتماعي عبر فيسبوك، يفيد بتعدي شخص على سيدة بسلاح أبيض، عبارة عن سكين، داخل شقتها وتحطيم محتويات الشقة وبانتقال الأجهزة الأمنية تبين أن مرتكب الواقعة "سامح .أ"، عامل له معلومات جنائية، وأن المجني عليها طليقته، ربة منزل مقيمة بدائرة القسم، باستخدام 2 سكين محدثاً إصابتها بجروح متفرقة بالجسم.
وروت قائلة: "قمت بالزواج من المتهم منذ 18 سنة و أنجبت له 4 أطفال لكنه تعاطى المخدرات وطلبت منه الانفصال منذ 3 سنوات بعد أن تنازلت له عن كل مستحقاتي المالية والنفقة والمؤخر ودفعت له 10 آلاف جنيه نظير التنازل عن الشقة لأتمكن من تربية أبنائي".
واستكملت: " فوجئت به بعد الطلاق يهدد حياتي ويطالبنى بالعودة إليه وتعرض لى أكثر من مرة وخطف أبنائي لعدة شهور ويوم الواقعة حضر إلى الشقة وطالبنى بالعودة إلى عصمته فرفضت فأشهر سكينتين– وظل يضربني وتعدى عليا بالضرب وتجمع الأهالي على صراخ منى واستغاثة وقاموا بتصويره فحضرت الشرطة" وأعربت عن قلقها منه بسبب تهديدها بارسال بلطجية لإنهاء حياتها.
ضحية جديدة
القصة الثانية، لزوجة تدعى إسراء، 19 عامًا، واحدة من أشهر قضايا العنف الأسري، بمحافظة الإسكندرية، إذ تزوجت لمدة لم تتجاوز 11 شهرًا تقريبًا، أنجبت خلالها طفلها الأول حتى تعدى عليها زوجها وشوه وجهها في الواقعة، التي أكدت فيها التحقيقات وجود خلافات بين والدة الزوج وزوجته فوقع خلاف تركت الزوجة المنزل على إثره وعادت إلى والدته.
أكدت التحقيقات، أن إسراء وافقت على طلب الزوج والمقربين بالعودة إلى منزلها واتمام الصلح لكن فوجئت الضحية بأن زوجها تعدى عليها بسلاح أبيض وضربها بسلاح أبيض عبارة عن "مطواه" وأحلق بها اصابات بالوجه والصدر والرقبة، وأشارت الضحية فى التحقيقات أن والدة الزوج حرضته على التعدي عليها بقولها : "انزل هات حقي منها".
تعدى على طليقته
الحكاية الثالثة، تعدى فيها "نادر.م"، 29 سنة، عامل، على طليقته "ريم .م" 22 سنة، إذ انتظرها طليقها على طريق الكورنيش بمنطقة كيلوباترا وتعدى عليها بسلاح أبيض عبارة عن "كتر" بسبب خلافات الرؤية ورغبته فى العودة إليها، إذ تبين من التحقيقات أنهما تزوجا منذ 4 سنوات وأنجبا طفلتين الاولى تدعى جنات وتبلغ من العمر عامين والثانية عمرها 10 شهور.
وأوضحت المجنى عليها، أنه ظل يطاردها بعد أن انفصلا بسبب خلافات زوجية، ثم رغبته فى العودة إليها مرة أخرى لكنها رفضت فعقبها بالضرب على حد قولها.
خبراء: العنف خلل نفسي يهدد كيان الأسرة والأبناء
قال الدكتور هانى خميس، عميد كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، إن العنف الأسرى هو الذى يقع على المرآة فى نطاق الأسرة له أسباب كثيرة جدًا، وقد يكون سببه التنشئة أو أسباب اقتصادية ترتبط بشكل كبير بالأوضاع والضغوط الحياتية، فيكون نوع من التنفيس فى عدم قدرة الرجل فى إشباع قدرته على توفير متطلبات واحتياجات أسرته، وقد يكون نوع من عدم وجود حوار بين الزوج وزوجته، فيتسبب ذلك فى اختفاء لغة الحديث بينهم ويلجأ الزوج إلى العنف أيضا بسبب ذلك، مضيفا، أن أحد العوامل الأساسية هي النزعة الذكورية فى ممارسة العنف تجاه المرآة فهو تربى على أنها مخلوق ضعيف ويتم إخضاعها لأساليب السيطرة والاستبداد من قبل الرجل.
وأشار إلى أن العنف فى الأساس قد يكون ناتج عن عملية ادمان المخدرات والكحوليات فيجعله بذلك يميل الى التصرف بشكل غير عقلانى وعنيف لأنه يتصرف فى مرحلة اللاوعي، فيقع العنف بكل أشكاله، موضحا أنه أحيانا عدم توافر المخدرات يتسبب ذلك فى سوء الحالة المزاجية للرجل، ويدفعه ذلك الى القيام بالعنف تجاه زوجته.
وأوضح أن للدين والمؤسسات الإعلامية والتربوية دور كبير فى مواجهة العنف الأسرى ومعالجته، وأيضا فكرة التوجيه الأسرى وتلقين الزوجة كيفية التعامل مع الزوج فى كل تلك المواقف سيحل جزءا كبيرا من الأزمة، لافتا إلى أن تنشئة الرجل على العنف منذ الصغر يعد من أصعب المواقف التى يتم التعامل معها فى تغيير سلوكه الذى تربى عليه.
وتابع أنه يوجد عدد كبير من مكاتب التوجيه والإرشاد يمكن أن تتدخل وتحاول أن تحل تلك المواقف، لافتًا إلى أن اتجاه الزوجه الى قرار الطلاق والابتعاد يعد واحد من الأسباب التى تفكك الأسرة وتعيق تربية الأبناء وتدور الدائرة من جديد حيث يمكن أن يخرج أبناء مشوهين نفسيًا، فاقدين القدرة على التواصل مع المجتمع، موضحًا أنه للحفاظ على كيان الأسرة وتنشئة الأبناء تنشئة جيدة لابد من التدخل من جانب تلك المكاتب.
وأكد أنه لابد من وجود عيادات أسرية وعيادات خاصة لمواجهة العنف مجانية لتعليم الزوجة إذا وقعت ضحية للعنف والتعامل مع الرجال الذين يقومون بالعنف ضد زوجاتهم والتوفيق كمحاولة لحماية الأسرة من الانهيار والحفاظ على كيانها، لافتًا إلى أنه يوجد نسق تشريعى وقانوني لتجريم كل تلك الأفعال ولكن اللجوء له يكون من الصعب، لأنه حتميا يؤدي فى النهاية إلى التفكك الأسري، مشيرا إلى مواجهة العنف قبل وقوعه أفضل بكثير من اللجوء إلى المحاكم.