38 يوما على رمضان.. هل الصيام سبب العصبية؟ وما جريمة إكراه الطفل عليه؟

باقٍ 38 يوما على موعد شهر رمضان الكريم، ورغم ترقب الملايين من المسلمين للعد التنازلي لشهر الصيام وتكرار سؤالهم اليومي عنه، إلا أن هناك البعض الذي ينتابه القلق والتوتر؛ لأن شهر الصيام عنده هو تعكر مزاج وخنقة؛ بسبب امتناعه عن الطعام والشراب.
هل الصوم سبب تعكر المزاج وحرقة الدم؟
من أهم أسباب تعكر مزاج لدى من لا يسرُّهم قدوم شهر رمضان القلق النفسي، الذي يؤدي لانخفاض معنوياتهم؛ لأنهم سيمتنعون عن المأكولات والمشروبات، وينتظرون حتى أذان المغرب، خاصة أن بعضهم يمارس أعمالا تتطلب مجهودا بدنيا شديدا.
وهذا الأمر لا يدعو إلى القلق؛ لأن الصائم يمكن له أن يفطر إذا بلغ به الجهد ما لا يطيق تحمله، كما أن له الإفطار في حالة الألم والمرض الذي يوجب عليه الأكل أو تناول الدواء، حتى لو كانت مسكنة وليست للعلاج ما دام عدم تناولها سيضر به، وهنا لا يكون الإفطار اختياريًّا، بل واحبا عليه؛ لذا على من لديه قلق من الصيام أن يستقبل الشهر بارتياح واطمئنان إلى أن الصيام للمستطيع فقط، وغير المستطيع يفطر، ولا حرج عليه، فلا نشغل بالنا، أو نعكر صفو حياتنا بمخاوف لا وجود لها، وإن وجدت فلها حلول؛ لأن الله رحيم بعباده، وفرض الصيام علينا لتهذيبنا لا تعذيبنا.
وهذه فتوى لـ دار الإفتاء عبر حسابها الرسمي على فيسبوك، وهذا نصها:
"الذين يرخص لهم الفطر في نهار رمضان وتجب عليهم الفدية فقط هم الرجل الكبير المسن وكذا المرأة العجوز اللذان لا يقويان على الصيام المريض بمرض ملازم ميئوس من الشفاء منه وكذا أصحاب الأعمال الشاقة المستمرة الذين لا يجدون أعمالاً أخرى بديلة ولا يتمكنون من أخذ إجازه في شهر رمضان ولا في غير رمضان فهؤلاء يرخص لهم في الفطر وعليهم أن يفدوا عن كل يوم يفطرونه بإطعام مسكين وجبتين مشبعتين.
أما الذين يرخص لهم في الفطر ويجب عليهم القضاء فقط فهم : المريض بمرض يرجى شفاؤه والمسافر سفراً مباحاً والحامل والمرضع إذا خافتا على نفسيهما وأما إذا خافتا على ولديهما أفطرتا وقضتا وقدمتا فدية طعام مسكين عن كل يوم والحائض والنفساء ، وأما الذين يجب عليهم القضاء والكفارة هم الذين يفطرون عمداً من غير عذر في نهار رمضان بالأكل أو الشرب أو المعاشرة الجنسية ، والكفارة هي صيام شهرين متتابعين فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناً من أوسط ما يطعم أهله .
ومعيار الأخذ برخصة الإفطار معيار شخصي _ أي أن الإنسان هو الذي يُقدر مدى حاجته إلى الفطر وجوباً أو جوازاً وعليه أن يأخذ برأي الطبيب الثقة في الأمور المرضية وهي ليست إجبارية إذا ترتب عليها ضرر بالنفس أو بالغير يؤدي إلى هلاك النفس أو قريباً من ذلك"
وبشكل عام فإن الصيام لا يبلغ الجهد الذي يرهق الإنسان إلا في حالات نادرة، مثل شدة الحر التي تجعل الإنسان في عطش شديد، ويكون في أمسِّ الحاجة للشرب، أو الجوع الشديد الذي يضر بمعدته، وهذه الحالات تركها الله لعباده، فهم أدرى بها، وفي ذات الوقت هو الأعلم بخبايا النفوس ونوايا البشر.
ومن أسباب تعكر أن بعض الصائمين يضيعون الليل في اللعب والأكل والشرب، ومع اقترب الفجر يتسحرون، وينامون، فيستيقظون مرهقين معكري المزاج متوتري الأعصاب، وتكون أوقات النهار، سواء للطالب أو لمن يعمل، مضاعفة للإرهاق، فتزيد انفعالاتهم، ويتوهمون أن هذا بسبب الصوم؛ لذا عليهم أن يعيشوا حياتهم طبيعة، وسيجدون أن الصيام لا علاقة له من قريب أو بعيد بمشاحناتهم وعصبيتهم، وإنما الإرهاق من قلة النوم.
خطورة إرغام الأطفال على الصوم
وفي هذا السياق هناك ظاهرة بالغة الخطورة، وهي إرغام الأطفال على الصيام وإحراجهم حال إفطارهم بدعوى تدريبهم، وهذه جريمة بكل معاني الكلمة؛ لذا قبل أن تقدم على هذه الخطوة اعرف الذنوب التي ستتحملها وأنت تحسب أنك تحسن صنعا، ومنها:
- دفع الطفل إلى كراهية الصوم.
- غرس أن الإسلام دين شدة وقهر.
- الاضطرار إلى الإفطار في السر؛ ومن ثم النشأة على الرياء الذي يمنع قبول العمل.
- تعلم الكذب بأن يرد على من يحرجه بسماجة وهو يضحك كلما سأله عن صيامه.
كل المطلوب منك هو تشجيع الطفل على خوض تجربة الصوم لفترات ليست بالطويلة؛ لأن الجوع والعطش قد يؤذيانه بطبيعة سنه وجسمه، والأولى أن نغرس فيه حب الشهر الكريم، وأن يمارس اللعب فيه براحته دون أي ضغوط، وأن نحول كل يوم من أيام رمضان عيدا بالنسبة للطفل.
تابع أحدث الأخبار عبر