«تجويع .. تدمير وقتل»| جرائم الحرب في قطاع غزة تهدد بكارثة إنسانية

يخشى زعماء وشعوب العالم من تداعيات حصار قطاع غزة، وتداعياته التي تهدد بكارثة إنسانية على كافة الأصعدة بل إنها ترقى لتكون جريمة حرب، حيث تتوالى التحذيرات الأممية والدولية من كارثة إنسانية يشهدها قطاع غزة إثر القصف الإسرائيلي الكثيف واليومي.
مقاربات بين حصار قطاع غزة ولينينجراد السوفيتية
ووسط تحذير المجتمع الدولي من المخاطر الإنسانية في حال تنفيذ القوات الإسرائيلية اجتياح بري، وهو ما يتقاطع مع العديد من الكوارث الإنسانية الناجمة عن الحروب التي شهدها العالم، تتشابه المعطيات بين حصار غزة المفروض من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وبين الحصار النازي لمدينة لينينجراد السوفيتية إبان الحرب العالمية الثانية.
فبينما تتجه الأنظار إلى الصراع العنيف بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية وسط حصار مطبق على قطاع غزة، اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الحصار الإسرائيلي المحكم لغزة "غير مقبول" وشبّهه بالحصار النازي لمدينة لينينجراد السوفيتية إبان الحرب العالمية الثانية.
ففي 9 سبتمبر 1941، باشر الألمان حملة قصف مكثفة على لينينجراد تمكنوا خلالها من تدمير العديد من مخازن الغذاء والوقود، وطيلة فترة الحصار، ألقى الألمان ما قدّر بنحو 75 ألف قذيفة على لينينجراد التي رفض سكانها الرضوخ للهجمات الألمانية والاستسلام.
وأثناء فترة الحصار الذي استمر لأشهر طويلة، وفر طريق بحيرة لادوجا كميات ضئيلة من الغذاء والوقود لأهالي لينينجراد الذين عانوا من المجاعة.
ومع اشتداد الحصار، انخفضت الحصص الغذائية اليومية لتقارب 125 جراماً من الخبز للفرد الواحد. وأمام هذا الوضع، لم يتردد عدد من أهالي لينينغراد في أكل جثث الموتى للبقاء على قيد الحياة. وخلال شتاء عامي 1941 و1942، سجلت لينينجراد معدلات وفيات قياسية بلغت شهرياً وفاة ما لا يقل عن 100 ألف شخص.
وأملاً في تخفيف وطأة المجاعة، لجأ المسؤولون بلينينجراد لإجلاء أعداد كبيرة من السكان، عبر بحيرة لادوغا، مطلع العام 1942. وحسب التقديرات قدر عدد الذين غادروا المدينة بما يزيد عن نصف مليون.
وبعد حوالي 900 يوم من الحصار، تمكن الجيش الأحمر السوفيتي من تحرير لينينغراد التي كانت أشبه بمدينة أشباح مدمرة.
ووفق التقديرات، شهدت لينينجراد طيلة أيام الحصار وفاة ما لا يقل عن 800 ألف شخص سقط جلهم بسبب نقص الغذاء.
- وبالفعل تتشابه الأوضاع في غزة، الوضع في مدينة لينينجراد، ويمكن أن نعتبرها أسوأ؛ فتطبق إسرائيل حصار مطبق على غزة، ولا يوجد حتى مدخل بسيط لإدخال إمدادات الطعام أو الماء أو الطاقة؛ مما قد يؤدي بسكان القطاع إلى مجاعة وكارثة بيئية وإنسانية غير مسبوقة قد يتخطى عدد الضحايا فيها عدد ضحايا حصار "لينينجراد"، إذا لم يتم التدخل الدولي لمنع هذه الكارثة المتوقعة.
حصار برلين
كما فرض الاتحاد السوفيتي حصار برلين في عام 1948 في محاولة من قبل الاتحاد السوفيتي للحد من قدرة الولايات المتحدة، وبريطانيا العظمى، وفرنسا على السفر إلى قطاعاتهم في برلين، فقام الاتحاد السوفيتي بسد جميع السكك الحديدية، والطرق، والقنوات التي تسمح بالوصول إلى المناطق الغربية من برلين، وفجأة، لم يتمكن نحو 2.5 مليون مدني من الحصول على الغذاء، والدواء، والوقود، والكهرباء، والسلع الأساسية الأخرى.
وفي النهاية، أقامت القوى الغربية جسرًا جويًا استمر لمدة عام تقريبًا، وسلمت الإمدادات الحيوية، والإغاثة إلى برلين الغربية، وبعد 322 يوما، رفع الحصار عن برلين بعدما أسفر عن وفقاَ للمصادر السوفيتية - نحو مقتل 458.080 قتيلا و479.298 أسيرا، ولا يُعرف حتى الآن عدد المدنيين القتلى، وتأتي هذه الحصيلة على الرغم من إيصال الإمدادات للمحاصرين، فماذا عن الفلسطينيين التي تتعنت إسرائيل في إيصال حتى الماء لهم.
حصار قطاع غزة كارثة إنسانية أم جريمة حرب؟!
ومن المتوقع أن تشهد غزة كارثه إنسانية غير مسبوقة في حال استمرار القصف الإسرائيلي، واتخاذ تل أبيب قراراً ببدء عملية اجتياح القطاع برياً، وقد يصل الأمر إلى كارثة تتخطى كل الكوارث التي تم الإشارة إليها، لأن إسرائيل تُصرّ على استمرار تنفيذ حصار مطبق لا يوجد فيه أي آلية لإدخال أي مساعدات، فالكوارث التي تم ذكرها كان يوجد فيها مداخل للإمدادات حتى ولو كانت قليلة، فهي أفضل من الوضع الحالي في غزة، فبالإضافة إلى انقطاع الماء والطعام عن القطاع، انقطعت إمدادات الطاقة، مما يعني خروج المستشفيات التي تكتظ بالمصابين والمرضى الضعفاء؛ مما يعني الحكم بالموت على هؤلاء الذي يحتاجون إلى الرعايا الطبية العاجلة، ليس هذا فقط طالبت إسرائيل بإخلاء المستشفيات؛ تمهيداً لضربها، الأمر الذي ينتهك كافة المواثيق الدولية، هذا بالإضافة إلى تراكم الجثث تحت المباني المنهار؛ مما يعني انتشار الأوبئة. ومن هذا، آن الأوان أن يفرض المجتمع الدولي إرادته لحماية المدنيين من كارثة إنسانية مُحققة.
تابع أحدث الأخبار عبر