قصة اغتيال «الأمير الأحمر» على يد الموساد في ضواحي بيروت

يوم 22 يناير سنة 1979، مكانش يوم عادي، لان ببساطة الثورة الفلسطينية فقدت واحد من أبرز قادتها وهو علي حسن سلامة، الملقب بالأمير الأحمر، واللي كان بيعتبر شبح بالنسبة للمخابرات الإسرائيلية، وكابوس مرعب بالنسبة لعناصر الموساد، خاصة وانه كانت مهمته الأساسية صيد ذئاب الصهاينة في كل دول العالم.
"الأمير الأحمر" ولقبه (أبو حسن) اتولد في العراق في 1 إبريل 1941، ودا نفس اليوم اللي استشهد فيه جده المجاهد الشيخ حسن سلامة، وراح بعد كدا على القاهرة علشان يكمل تعليمه، وسنة 1964 شد الرحال على الكويت، والتحق بحركة فتح عن طريق شخص أسمه خالد الحسن (أبو السعيد) وتولي دائرة التنظيم الشعبي هناك، وسنة 1968، تم اختياره ضمن مجموعة من عشرة أشخاص لدورة أمنية في القاهرة، وبعد عودته من عمله كنائب مفوض الرصد المركزي لحركة فتح، استقر في العاصمة الأردنية ومارس مهامه في النضال، وكان رفيق سلاح للرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، وكان ضمن اللجنة المكلفة اللجنة العربية العليا المكلفة بالوساطة بين الأردن والفدائيين، ومن الوقت دا وهو بيرافق "أبو عمار" في كل مكان، وكان مكلف بحمايته بشكل مباشر، ومش كدا وبس دا أن أول قائد قائد لقوات الـ17.
ودا خلى الموساد الإسرائيلية تحطه ضمن قوائم الاغتيالات، وبعد 5 محاولات فاشلة، قرر الموساد تغيير طريقة الاغتيال، فبعت عميلة اسمها اريكا تشامبرز المعروفة باسم العميلة "بينيلوبي"، وادعت انها بتدعم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، وانها بتحب الرسم وتربية القطط، ومحدش كان يعرف انها هي اللي هتكتب كلمة النهاية لحياة واحد من أهم صقور حركة فتح.
واريكا ماري تشامبرز، هي من عائلة يهودية تشيكية، أصلها من مدينة براغ، وهربت لإنجلترا واتجوزت مهندس ماركوس تشامبرز، واطلقت منه سنة 1953، واختارت اريكا البقاء مع والدتها، وعاشوا في لندن، وبعد كدا انتقلت على المانيا وهناك انضمت لجهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، والتحقت بقسم "كيدون" المتخصص في عمليات الاغتيال.
في الوقت دا كان في عدد كبير من عناصر المخابرات الإسرائيلية "الموساد" بيتعقبوا تحركات الأمير الأحمر، ووقعت مهمة تصفيته على عاتق اريكا، ودا لأنها بتقدر تتجول بحرية في المؤسسات الفلسطينية، بدون ما حد يشك فيها، وقابلت "اريكا" علي حسن سلامة اكتر من مرة، وبعتت رسالة لقادة الموساد قالت لهم فيها "الأمير الأحمر" بيحب ممارسة الرياضة خصوصاً السباحة والكاراتيه والرماية بالمسدس، وبيقضي بعض وقته كمان في حمامات الساونا، ودي كانت معلومة مهمة جدا بالنسبة لفريق اغتيالات الموساد.
"وبدأ عملاء الموساد يزورا النوادي الرياضية، وأماكن الساونا في فنادق بيروت، وقرر العميل الصهيوني مايك هراري اغتيال الأمير الأحمر وهو في الساونا، وبعت بعض العملاء ومعاهم كميات كبيرة من المتفجرات عشان يحطوها في حمام الساونا في فندق إنترناشيونال، لكن صعوبة زرع المتفجرات في المكان واخفائها خلت قادة "الموساد" يلغوا الخطة."
اغتيال «الأمير الأحمر» على يد الموساد في ضواحي بيروت
وفي بداية 1979، قرر قادة الموساد وضع خطة نهائية لاغتيال علي حسن سلامة، وأطلقوا عليها اسم "القتل الضيق"، وعلى الأساس دا، اريكا شقة في زاوية شارع قريب من شارع مدام كوري، وتمت عملية الاستئجار عن طريق التليفون من المانيا، وفي 10 ديسمبر مضت اريكا عقد الايجار باسم:" منظمة الأطفال المحرومين"، واشترت أساس لتجهيز المكان.
لكن وبما ان مفيش حاجة بتمشي بالصدفة، فالشقة دي كان الهدف منها مراقبة الأمير الأحمر، لانه ببساطة الشقة كانت في الدور التامن المواجه لشقة علي حسن، وبدأت تروح المكتب يومياً من الساعة عشرة صباحاً لحد 4 بعد الظهر، وبعد كدا ترجع لفندق "كورال بيتش"، مقر إقامتها..
وكانت اريكا بتبعت تقارير مراقبتها لعلي حسن سلامة مباشرة لمايك هراري عن طريق صندوق بريد في روما مسجل باسم زيلبر ريمون.
"بعد فترة رجعت اريكا المانيا، ولما تم تحديد معاد تنفيذ عملية الاغتيال رجعت تاني بيروت، ودا كان علشان تتابع عربيتين "شيفروليه" و"رانج روفر" بيملكهم سلامة، وكانوا بيتحرك بهم بشكل دائم من حي الصنوبرة، متوجهتين الى شارع مدام كوري، وكانوا بيعدوا من تحت شباك الشقة اللي مأجراها 4 مرات في اليوم، واكتشفت ان الأمير الأحمر بيرجع بيته كل يوم علشان يأكل وجبة الغداء".
ومن هنا بدأ العد العكسي، مبقاش قدام "اريكا" غير 10 أيام لتنفيذ العملية، فراحت لمكتب لتأجير السيارات، واستأجرت سيارة من نوع "داتسون" خضرا برخصة قيادة مزيفة، بحجة انها عاوزة تتمشى بها في جبل لبنان. لكن إريكا مراحتش الجبال ولا حاجة، دي ركنت العربية في الشارع على بعد امتار من شقتها، وفي نهار السبت 20 يناير، نقل عملاء الموساد الإسرائيليون 100 كيلوجرام من المتفجرات لقاعدة بحرية بالقرب من قيسارية، وحملوها على ضهر سفينة من 3 سفن إسرائيلية من نوع "ساعر 4" في الوقت دا فضلت "اريكا" تراقب الحركة في شارع مدام كوري، وترجع تنام في فندق بريستول وتفكر في طريقة للهرب فيما بعد.
حوالي الساعة 3 بعد منتصف الليل، صباح الأحد، اقتربت السفن الإسرائيلية الثلاث من الشاطئ اللبناني تحديدا بين بيروت وجونية، بقيادة الضابط حاييم شكيد، ونقلت عناصر الضفادع الإسرائيلية المتفجرات للشاطئ شخص اسمه سكريجر، ودا اللي حط المتفجرات في سيارة جولف مُستأجرة، ركنوها بالقرب من الشقة اللي استأجرتها اريكا.
بالنسبة للأمير الأحمر، كان يوم عادي، وصل بيته عشان يحضر نفسه للسفر لدمشق لحضور اجتماعات المجلس الوطني الفلسطيني، وفي الساعة الثالثة و45 دقيقة ودع زوجته جورجينا اللي كانت حامل، وضع ايده على بطنها وقال:" دي بنت" فردت عليه" لا أنا عاوزه ولد يشبهك".
نزل علي حسن سلامة من بيته وقعد جنب جميل السائق بتاعه ، و 3 من حراسه قعدوا في الكرسي الخلفين ووراهم العربية التانية "الروفر" وفيها ثلاثة حراس تانيين.
في الوقت دا كانت اريكا مستنية بالقرب من الشباك، بتراقب الموكب دا، ولما عدت سيارة "الشيفروليه" بالقرب من سيارة الجولف ضغطت اريكا على الزر لتنفجر سيارة الأمير الأحمر وليمتلئ الجو بالدخان الأسود. سمعت جورجينا صوت الانفجار الذي هز الشارع وعرفت انهم قتلوا جوزها.
أما اريكا فخرجت من المنطقة في عربية الـ "داتسون" اللي كانت ماجراها وتوجهت لشرق المدينة ومنها للشط، وهناك كان في انتظارها عناصر الضفادع الإسرائيلية اللي نقلوها لحيفا.
وللي ميعرفش ليه الموساد كان بيكره الأمير الأحمر للدرجة دي، فدا لأنه كان المخطط لعملية احتجاز رهائن إسرائيليين أثناء دورة الأولمبياد الصيفية اللي أقيمت في ميونخ في ألمانيا سنة 1972، واللي نفذتها منظمة "أيلول الأسود" – وهي منظمة فلسطينية خرجت في مطلع السبعينيات بعد الصدامات اللي وقعت بين الفصائل الفلسطينية، والجيش الأردني، وأدت إلى خروج الفدائيين الفلسطينيين من الأردن للبنان، وبعد عملية الخطف طلبت المنظمة الإفراج عن 236 معتقل في السجون الإسرائيلية معظمهم من العرب، وانتهت العملية بمقتل 11 رياضي إسرائيلي واستشهاد 5 من منفذي العملية الفلسطينيين، وشرطي وطيار مروحية ألمانيين، ودي عملية كانت صعبة بالنسبة لليهود اللي قرروا انهم ينتقموا من المخطط لها وهو الأمير الأحمر.
خلصت حلقتنا النهاردة واستنونا في حلقات جديدة من برنامج اغتيالات، على منصات الحادثة.
تابع أحدث الأخبار عبر