جرائم بروح العصر.. الذكاء الاصطناعي في خدمة الجريمة المنظمة (5)
زيادة الاستثمارات العسكرية في الذكاء الاصطناعي... ماذا ينتظرنا في المستقبل ؟

من المثير للجدل أن استغلال الذكاء الاصطناعي في القتل لم يقتصر فقط على عصابات الجريمة المنظمة، بل أن الجيوش النظامية توسعت في الاستثمارات العسكرية في مجال الذكاء الاصطناعي بهدف زيادة قوتها واستغلال الروبوتات وطائرات الدرونز وغيرها من الأسلحة التي تُستخدم في القتل وأعمال التجسس وغيرها من أعمال الحروب.
العالم يبحث عن أسلحة أكثر فتكًا بالعدو

أشار تقرير ميونيخ للأمن لسنة 2019، إلى زيادة حجم الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي واستخداماته الأمنية، إذ طرحت هذه القضية ضمن أجندة المؤتمر في دورته رقم 55، والتي عقدت خلال الفترة (15-17 فبراير 2019)، وقد أوضح التقرير أن حجم الاستثمار في هذا المجال في 2018، بلغ أكثر من 50 مليار دولار، أي حوالي ضعف حجم الاستثمارات في المجال نفسه خلال العام 2017، مما يؤكد أن المجتمع الدولي اصبح اكثر ادراكا لأهمية توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي والثورة الرقمية والتكنولوجيا في مختلف المجالات بخلاف ما كان عليه الوضع في الماضي.
أصبح الذكاء الاصطناعي يوفر العديد من المميزات المتعددة للقوات العسكرية، من حيث تحقيق الكفاءة والفاعلية فى ساحة المعركة، والحفاظ على الأرواح البشرية وحمايتها، فضلًا عن مكافحة الإرهاب والتنبؤ بالتهديدات المستقبلية، لذا اتجهت غالبية الدول الكبرى، إلى ضخ المزيد من الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي واستخداماته العسكرية، وقامت بوضع الاستراتيجيات التي تتيح لها تحقيق الريادة والأسبقية، بل والهيمنة على اقتصاديات ذلك المجال، وذلك بهدف تحقيق العديد من المكاسب على كافة المستويات، السياسية والاقتصادية والاستراتيجية.
مما يؤكد أن الذكاء الاصطناعي أصبح مرتكزًا أساسيًا في دعم القوة الوطنية للدولة في المستقبل، ما ألمح إليه الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عندما أكد، في مؤتمر ميونيخ للأمن، أن "من سيقود الذكاء الاصطناعي سيحكم العالم"، ونظرا لأهمية الذكاء الاصطناعي، ينبغي لنا توضيح عددٍ من المهام والوظائف العسكرية التي يمكن أن تتحقق بفضل تطوير وتعزيز هذه التقنيات.
الذكاء الاصطناعي يحمينا من القرصنة والاحتيال الإلكتروني

ينبغي لنا قبل الخوض في الحديث عن اهمية الذكاء الاصطناعي فيما يتعلق بعمليات الفضاء السيبراني، أن نوضح أولًا مفهوم الأمن السيبراني (Cyber Security)، والذي عرف في التقرير الصادر عن الاتحاد الدولي للاتصالات حول اتجاهات الإصلاح في الاتصالات لعام 2010-2011 بأنه "مجموعة من المهمات مثل تجميع وسائل وسياسات وإجراءات أمنية ومبادئ توجيهية ومقاربات لإدارة المخاطر، وتدريبات وممارسات فضلى وتقنيات يمكن استخدامها لحماية البيئة السيبرانية وموجودات المؤسسات والمستخدمين".
اقرأ أيضا : «روبوتات قادرة على القتل» .. الوجه الآخر للذكاء الاصطناعي
كما عرفته وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" بأنه "جميع الإجراءات التنظيمية اللازمة لضمان حماية المعلومات بجميع أشكالها المادية والإلكترونية، من مختلف الجرائم: الهجمات، التخريب، التجسس والحوادث"، في حين اعتبر الإعلان الأوروبي الأمنَ السيبراني أنه يعني: "قدرة النظام المعلوماتي على مقاومة محاولات الاختراق التي تستهدف البيانات".
يمكن لتقنية الذكاء الاصطناعي أن تلعب دورًا محوريًا فيما يتعلق بعمليات الفضاء السيبراني، إضافة إلى قدرتها على مواجهة عمليات الاحتيال والقرصنة الإلكترونية، وكذلك الهجمات الخبيثة، وذلك من خلال توقع الخطر والتهديد، ورصد مصادره، ومن ثم التعرف على هوية المهاجم، وتحديد خريطة الهجوم ومدى تأثيره، وفي النهاية، تقوم هذه التقنية باتخاذ التدابير والإجراءات الوقائية والدفاعية، وبالتالي يمكننا التأكيد على أن دور الذكاء الاصطناعي في هذا المجال غالبا ما يكون دورًا مزدوجًا، يتمثل في الدفاع والهجوم في آنٍ واحد.
تابع أحدث الأخبار عبر