الحادثة

كل ما تحتاج أن تعرفه عن قانون الولاية واقتراحات القومى للمرأة لتعديله

المجلس القومى للمرأة
المجلس القومى للمرأة وقانون الولاية على المال

كشف تقرير صادر عن المجلس القومى للمرأة أن قانون الولاية على المال لا يواكب المستجدات والتطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية التي تعرض لها المجتمع، ولا تواكب مكانة المرأة المصرية في المجتمع الآن، فقد صدر قانون الولاية على المال في عام ١٩٥٢ حين كانت نسبة الأمية بين الإناث في عمر ١٠ سنوات فأكثر تصل إلى حوالي ٨٤% بحسب نتائج تعداد السكان لعام ١٩٤٧. أما حاليا فإن إحصاءات الأمية في مصر بلغت ٢٣.٥% مع نهاية عام 2022 في الفئة العمرية 15 سنة فأكثر.

 

قانون الولاية على المال احتياج إنساني اجتماعي

ويمثل قانون الولاية على المال احتياجا إنسانيا اجتماعيا هاما قبل أن يكون احتياجا قانونيا منصفا؛ ولذلك هناك ضرورة ملحة لوجود قوانين وإجراءات جديدة بشأن الولاية على المال والوصاية المالية لعدة أسباب، أهمها أنها أحكام وقواعد صدرت منذ زمن بعيد (منذ أكثر من 70 عاما، ومنها ما قبل ذلك في القرن التاسع عشر)، مثل ما يتعلق بالوصاية المالية والإشراف على أموال القصر، علاوة على أن  المجالس الحسبية أُنشئت في عام 1869، أي منذ 154 سنة مضت، تحت مسمى المجالس الحسبية التى أصبحت نيابات الأسرة الآن.
كما أن القانون الحالي للولاية على المال ينص على أن الولاية للأب ثم للجد الصحيح إذا لم يختر الأب وصيا للولاية على مال القاصر، فهنا الولاية التي تمنح لصاحبها صلاحيات واسعة لا تحتاج إلى قرارات أو طلبات. أما في حالة الوصية للأم فإن ذلك يستدعى تقديم طلب وعدم وجود جد وعدم المنازعة على حق المرأة في الوصاية المالية على أبنائها، أي عدم وجود مانع لحجب الوصاية عن الأم.

وعلى الرغم من أن فلسفة الوصاية شرعًا وقانونًا هي القيام بإدارة شئون الأطفال والمسئولية عن كل كبيرة وصغيرة في حياتهم والرعاية الصحية والجسدية والنفسية والتعليمية، (وهو ما تقوم به الأم فى جميع الأحوال)، إلا أنه لا يزال ينظر للمرأة بعدم الجدارة بإدارة أموال صغارها، وتواجه جميع هذه المعوقات.

 

تعديل قانون الولاية على المال

خاض المجلس القومى للمرأة في هذا الملف جهودا كبيرة بداية من المساهمة فى خلق بيئة تشريعية وسياسية داعمة من واقع اختصاصاته، حيث تقدم بمقترحات وملاحظات للجهات المختصة، وقام بإبداء الرأي في مشروعات القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عمله، حيث تقدم المجلس بعدة مقترحات لتعديل قانون الولاية على المال كما يلى:

النص على أن الوصاية للأم مباشرة في حالة وفاة الأب، والمتضرر هو الذي يقوم برفع دعوى لإثبات تضرره، ونيابة شئون الأسرة تتولى المراجعة، وتيسير وتحديث إجراءات نيابة شئون الأسرة للولاية على المال (المجلس/النيابة الحسبية) من خلال تيسير اجراءات صرف الأموال اللازمة في العمليات الجراحية والتعرض للحوادث واستخراج الأوراق الرسمية وتأمين مستقبل الأبناء، وتسريع مواعيد الإجراءات الإدارية والرد على الطلبات، وذلك اتساقاً مع التعديلات الأخيرة الخاصة بذلك (قانون رقم 176 لسنة 2020 (مادة 47) والكتاب الدوري من النائب العام رقم 3 لسنة 2020).


إصلاح وتيسير إجراءات حصر وجرد التركة

ومن ضمن هذه التعديلات المقترحة إصلاح وتيسير إجراءات حصر وجرد التركة/ الميراث والإجراءات الأخرى المتعلقة بالصرف، وكذلك مراعاة الظروف فيما يتعلق بالرسوم التي يتم تحصيلها بناء على إجمالي التركة (حيث يتم رفع قضايا في حالة عدم السداد)، ومنح الأم الوصية صلاحيات الولي الطبيعي، والتخفيف من قائمة المحظورات على الوصي (اذا كانت الوصية هى الأم)، وترسيخ ثقافة التعامل مع المرأة كإنسان كامل الأهلية قادرة على التدبير ومؤهلة لإدارة شئون أطفالها والمساواة في التفكير في احتمالية (وجود رجل غير مدبر مثل وجود امرأة غير مدبرة)، وعدم الانتقاص ‏من أهلية المرأة وقدرتها على اتخاذ القرار، وأهمية وضرورة طلبات الأوصياء، فإن ذلك يجب أن يتم تقديره على أساس المستوى المعيشي للقصر، وليس علي أساس اي خلفيات شخصية لمتلقي الطلب. 

 

خط ساخن لتلقى الشكاوى فى ملف الوصاية 


وتصدى المجلس القومي للمرأة للمعوقات التي تواجه السيدات الوصيات عند حصولهن على قرار الوصاية على صغارهن القصر من الناحية العملية،  حيث رصد مكتب شكاوى المجلس القومي للمرأة عددا كبيرا من شكاوى السيدات، سواء من خلال الحضور إلى مقرات المجلس بالقاهرة ومحافظات الجمهورية أو عبر الخط الساخن ١٥١١٥ للمكتب، فيقوم فريق عمل ملف الولاية على المال بالعمل على إزالة تلك المعوقات على الفور.

 كما حرص المجلس على دراسة إشكاليات الولاية على المال والوصاية المالية للمرأة منذ عام ٢٠١٧، وقام بالآتي:

إعداد وتقديم مشروع قانون بمقترح تعديلات على القانونين رقم (119 لسنة 1952) ورقم (1 لسنة 2000)، وتم إرساله إلى مجلس الوزراء الذي أحاله إلى وزارة العدل لمراجعته، وذلك  عام 2018، وكان الهدف منه هو الوقوف بجانب النساء الأرامل، خاصة من ترعى أطفال قُصر، وتسهيل الإجراءات في النيابات والمحاكم.
وبالاتساق مع ما قدمه المجلس القومي للمرأة في تعديلاته على أحكام الولاية على مال في هذا الشأن، صدر القانون رقم 176 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 1 لسنة 2000 (المادة 47)، والذي يتضمن رفع النصاب القانوني للصرف دون الرجوع إلى المحكمة واستحداث جواز زيادة المبلغ في حالات الضرورة القصوى، مثل الحوادث والحالات المرضية والتي تستدعى تدخلا طبيا عاجلا، ويكون ذلك بقرار مسبب من المحامي العام، مع الإلزام بتقديم النائب المصرح له بالصرف المستندات المؤيدة للإنفاق في حالة الضرورة قبل تقديم طلب الصرف التالي.

وتلا صدور القانون رقم 176 لسنة 2020 صدور كتاب النيابة العامة الدوري رقم (3) لسنة 2020 لتعديل الحد الأقصى للصرف وسرعة الفصل في الصرف في الحالات القصوى، وبتاريخ 30/9/2021 صدر القرار الدوري للبنك المركزي لتنظيم المعاملات ذات الصلة بالولاية على المال، حيث سهل الإجراءات المالية التي يقوم بها الوصي (في معظم الحالات النساء ) بموجب أصل قرار الوصاية.
ومن ضمن جهود المجلس توقيع بروتوكول تعاون مع معهد البحوث الجنائية والتدريب التابع للنيابة العامة منذ عام 2018 وحتى مايو 2022؛ لدعم قدرات معاوني ومعاونات نيابات الأسرة وأعضاء نيابات المال.

 

جلسات تشاورية مع الجهات المعنية

ويواصل المجلس عقد اجتماعات تشاورية مع الجهات المعنية، وهي (النيابة العامة- وزارة العدل – مصلحة الأحوال المدنية – التضامن الاجتماعي – البنك المركزي)؛ لتوفير الجهد المادي والمعنوي الذى تبذله الوصية الأم في استخراج أوراق رسمية من كل جهة على حدة، وكان لذلك أثر على الإجراءات التي أصدرها البنك المركزي المعدلة المتعلقة بهذا الشأن.
كما تم تعزيز فتح شاشات استعلامات مع النيابة العامة، ويوجد تعاون مشترك مع البنوك المصرية ومصلحة الأحوال المدنية لتيسير سير إجراءات الوصاية وتسهيل حصول الوصية الأم على قرار الوصاية والحفاظ على أموال صغارها القصر.

وضمن الجهود إعداد نموذج موحد بين المجلس القومي للمرأة (ممثلا فى مكتب شكاوى المرأة) والنيابة العامة للقيام على الفور بإرسال أي شكوى يتلقاها مكتب الشكاوى بشأن إجراءات الوصاية؛ ومن ثم العمل على حلها على الفور بالتنسيق مع النيابة العامة.
وأكد المجلس أن مكتب شكاوى المرأة مفتوح لمساعدة كل أم تواجه معوقات في سبيل الحصول على قرار الوصاية من خلال تقديم المساعدة القانونية والعمل على توفير الحلول بالتنسيق مع النيابة العامة).

 

 المنظومة القانونية بشأن الوصاية فى الدول العربية والاسلامية 


وفيما يتعلق بالقوانين العربية في هذا الملف فقد أصلحت العديد من الدول العربية من منظومتها القانونية بشأن الوصاية كما يلى:
في السعودية: عدلت في عام 2019 النص القانونى بأن " يعد رب الأسرة في مجال تطبيق هذا النظام هو الأب أو الأم بالنسبة للأولاد القصر ". 

وفي تونس: "تتمتّع الأمّ "في صورة إسناد الحضانة إليها بصلاحيات الولاية فيما يتعلّق بسفر المحضون ودراسته والتصرّف في حساباته المالية،  ويمكن للقاضي أن يسند كل مشمولات الولاية إلى الأم الحاضنة إذا تعذّر على الوليّ ممارستها أو تعسّف فيها أو تهاون في القيام بالواجبات المنجرّة عنها على الوجه الاعتيادي، أو تغيّب عن مقرّه وأصبح مجهول المقرّ، أو لأيّ سبب يضرّ بمصلحة المحضون".
وفى المغرب: تنتقل الولاية للأم الراشدة حسب المواد 163 و 229 و 236 من مدوّنة الأسرة الصادرة في 5 فبراير 2004..
أما فى العراق: فقد نصت المادة  (34) على أن : "الوصي هو من يختاره الأب لرعاية شئون ولده الصغير أو الجنين ثم من تنصبه المحكمة، على أن تقدم الأم على غيرها وفق مصلحة الصغير فان لم يوجد احد منهما فتكون الوصاية لدائرة رعاية القاصرين حتى تنصب المحكمة وصيا".
ومن الأهمية التأكيد على أن قضايا الولاية على المال تتضمن العديد من المفاهيم المغلوطة ومن الواجب تصحيحها، ومنها على سبيل المثال: (الولاية علي المال ..والولاية علي النفس.. والمواريث ) هي جميعها قضايا أسرة، ولكن كل منها يحكمه قانون مختلف،  فعلي سبيل المثال ، وكما جاء في مسلسل تحت الوصاية ، فإن علاقة الأم بالجد هي علاقة يحكمها (قانون الولاية علي المال)، اما علاقة الأم مع العم فهي (مسألة تتعلق بالميراث).

 

العصب والحجب للمواريث لا الولاية على المال

وكلمة العصب أو التعصيب هي كلمة تتعلق بقوانين المواريث وليس الولاية على المال، وليس للعم أن يحجب الوصاية عن الأم، وكلمة (يحجب) في الأصل ترتبط بقانون المواريث وليس المال، كما أن الولاية التعليمية لا ترتبط بقانون الولاية على المال، وتكون للحاضن عملا، وتكون بموجب قرار من النيابة العامة.
ولكل ذي صفة أن يستخرج صورًا من القيود المسجلة من مصلحة الأحوال المدنية؛ ولذلك يمكن للأم أن تستخرج صورة من شهادة ميلاد أبنائها، ويحق للأم حاليا أن تكون وصية على المال الذي آل للقاصر من قبلها بأن تشترط أن تكون هي الوصية على هذا المال الذي تبرعت به أو وهبته لصغارها عند تبرعها بالمال، ويكون لها أن تعين أي شخص تراه مناسبا وصيا على هذا المال، وقد يكون ذلك بغرض غل يد الأب (الولي) عن التصرف في هذا المال تحديدا، وتفعيل تعليمات النيابة بعدم طلب سماع الصغار إلا في حالات الضرورة القصوى (سماع الصغار كان شرطا في القانون، ولكن تم إلغاؤه).
كما حرص المجلس على التوعية بأحكام امتداد الولاية بعد بلوغ السن القانونية في حالات الولاية على ناقصي وعديمي الأهلية؛ لأنهم يتحولون من صفة القصر لصفة المحجور عليهم، وفي هذه الحالة تنطبق على المسئول عنهم أحكام القيم وليس الولي. والمعروف أن صلاحيات الولي أوسع من صلاحيات القيم؛ وبالتالي فإن امتداد الولاية ييسر الإجراءات علي الولي القيم.